السبت، ١ ديسمبر ٢٠٠٧

زين الدين زيدان .. نجومية لم تمح ذكريات طفولة مؤلمة السبت،

3 نوٍِفمبر 2007 - 07:09بقلم: ريهام عصام

يواجه المتابعون لمشوار زين الدين زيدان مع الكرة حيرة شديدة في معرفة ما إذا كان هذا الرجل وديعا بحق أم أن هدوئه من النوع الذي يسبق العاصفة، إذا كانت ردود أفعاله الحادة أحيانا نابعة من غضب داخلي أم من رغبة شديدة في الفوز.زيدان قد يبدو حاملا صفات أوروبية خالصة تتسم بالاحتراف والهدوء ولكنه في أحيان أخرى تسيطر الدماء العربية الحارة عليه فتجده مندفعا إلى حد العنف (نطحة ماركو ماتيراتزي الشهيرة في 2006 وخطأ قاس على فؤاد أنور في 1998). "لا أحد يدري إذا كان زيدان ملاكا أم شيطان" هكذا يراه مغني الروك الفرنسي الشهير جون-لوي مورا.ويتابع مورا في حديثه لصحيفة "أوبزرفر" عن لاعبه المفضل "زيدان يبتسم مثل القديسين ويكفهر كأنه سفاح".وفيما يُرجع بعضهم لحظات الانفجار والغضب التي تنتاب "زيزو" إلى طفولة صعبة قضاها بين الفقر والتمييز العنصري حينما كان مجرد ابنا لمهاجرين جزائريين في مرسيليا، فإن آخرين يؤكدون أن هذه الأيام تحديدا هي سر انخراطه الكبير في العمل الخيري لمكافحة الفقر ومساعدة الأطفال. لا للسياسةابتعد زيدان طوال مشواره الكروي الأسطوري (أفضل لاعب في العالم ثلاث مرات، الفوز بكأس العالم، وكأس الأمم الأوروبية، ودوري أبطال أوروبا) عن الحياة السياسية مؤكداً أنه "لا يحمل رسالة سياسية للعالم" لأنه ببساطة لاعب كرة قدم.ولكنه في الوقت ذاته بذل مجهودات كبيرة في دعم القضايا الإنسانية في مناطق كثيرة في العالم، مؤمنا بأن الفقر لا وطن له.اهتم زيدان منذ البداية بالأنشطة الخيرية، مستغلاً شعبيته التي تزايدت بمرور الوقت، إذ تم اختياره "أكثر الشخصيات الفرنسية شعبية على الإطلاق" في استطلاع رأي أجرته صحيفة "جورنال لو ديمانش" والتي تعد من أكثر الصحف الفرنسية انتشاراً. ويقول زيدان إن كل فرد يمكنه أن يقوم بعمل ما ليجعل العالم مكاناً أفضل، ومن هذا المنطلق بدأ قبل خمس سنوات إقامة مباراة خيرية سنوية بالاشتراك مع صديقه البرازيلي الشهير رونالدو تحمل عنوان "مباراة ضد الفقر"، يشارك فيها مجموعة ضخمة من نجوم الكرة والفن والسياسة من مختلف أنحاء العالم.ويخصص دخل هذه المباراة - التي يقود فيها زيدان فريق بينما يتزعم رونالدو الفريق المنافس - بالكامل لصالح صندوق الأمم المتحدة لمحاربة الفقر، كان آخرها تلك التي قدمها في مارسيليا مارس 2007 في الظهور الأول لزيدان على الأرض العشبية منذ اعتزاله.

زيدان أثناء زيارته للقاهرة
ويقدم زيدان المباراة الخامسة في نوفمبر 2007 والمقرر أن يشارك فيها كل من ديفيد بيكام وباولو مالديني وريفالدو في إسبانيا.وباتت انتصارات زيدان الكروية وأعماله الخيرية مصدر فخر لأبناء ضاحية "لا كاستيان" في مرسيليا والتي تُعرف بأنها مكانا لتجمع المهاجرين وأبنائهم.رمز عالمي يقول كريم، وهو مراهق يلعب حارسا لمرمى نادي "نوفيل فيج" في مرسيليا الذي يترأسه زيدان ويدربه شقيقه فريد، إن الناس تخاف قليلا عندما تعلم من أين يأتي "ولكنهم يظهرون احتراما مفاجئا عندما تخبرهم أنك تلعب لناد رئيسه هو زيدان".وفي خطوة منطقية، تم اختيار زيدان سفيراً للنوايا الحسنة بمنظمة الأمم المتحدة عام 2001، ليصفه الأديب الفرنسي فيليب سوليرز بأنه أصبح يملك قوة وشعبية تعادل ما يملكه رئيس وزراء.زار زيدان عدة مدن منها بنجلاديش حيث حل ضيفاً على الاقتصادي الهندي الشهير محمود يونس الفائر بجائزة نوبل للسلام عام 2006، ثم وطأت قدماه أرض الجزائر في ديسمبر من العام نفسه حينما وزع الملابس والهدايا على أطفال فقراء وزار مسقط رأسه في مدينة القبائل.وشارك زيدان أيضا في مباراة خيرية أقيمت في تايلاند في فبراير 2007 أمام أكثر من عشرة آلاف مشجع، وجمع منها دعما لعلاج مرضى الإيدز قبل أن يصل أخيرا إلى القاهرة لإطلاق حملة لرعاية أطفال الشوارع المعاقين.وقال زيدان في القاهرة إن النجوم الحقيقيون يلعبون دورا فعالا في تنمية المجتمع سواء داخل أوطانهم أو في مناطق مختلفة من العالم وأنه يتمنى أن يتمتع أطفال الشوارع في مصر بالرعاية والحماية مثلما يأمل لجميع أطفال العالم.اهتمام زيدان بالأطفال ظهر واضحاً في تصريحاته وفي القدوة التي قدمها لهم بعد حادثه نطحة للمدافع الإيطالي ماتيراتزي عندما وجه اعتذاره الأساسي "للأطفال الذين قدمت لهم نموذجا سيئا".ولكن إذا كانت النطحة نموذجا سيئا، فإن مشوار زيدان في الملعب وخارجه قدوة حسنة للجميع لاسيما جيرانه في مرسيليا "كنت مجرد طفل لعائلة من المهاجرين، ولكننا عملنا جاهدين حتى حظينا باحترام وتقدير كافة فئات الشعب الفرنسي". ويأمل زيدان أن تكون حياته "رسالة للجميع،
للسياسيين، الأطفال الذين كبرت معهم، وحتى المواطن الفرنسي البسيط ليعرفوا ما عليهم فعله" على حد قوله.

ليست هناك تعليقات: